كراسي الشرعية في تعز صُنعت من دم أصيل الجبزي

رافد البَرّاق/

أحلامًا، وليس بندقيّة كان يحمل في تلك الساعة التي الشفق فيها كان على وشك الهجوع، ليسقط الأصيل في أيدي الإرهاب.

لم يحلم أن يطلق الرصاص على الأبرياء والأطفال، بل أن يداوي جراحهم.

مقالات ذات صلة

لم يحلم أن يضمّ منطقة أخرى إلى جغرافية ملطّخة بالدماء والجثث، بل أن يمددّ مساحة السلام ما استطاع إليه سبيلا.

لم يُغِر على منزل، بل بجسده صدّ الرصاص عن كلّ منازل الجبزية.

كلّما كان الأسير بريئًا، كلّما زادت وحشيّة الآسر. لم يكُن يعلم بهذه المعادلة الخبيثة والمنطق العنجهي البربري في نفوس الغزاة، بل كان يعتقد أنّ قلوب جيرانه طيّبة ورحيمة، فاطمئنّ لهم. بينما كانت قلوبهم سوداء في ليلة زيّتوها بالسواد وحوّلها إلى مآتم وانكسارات.

 

في تلك الليلة من آب، أنهار الراهش من حزنه، تهالكت فرائصه وذاب كما تذوب الشمعة في مقبرة.

في تلك الليلة انكسر قلب كلّ أب وانفطر قلب كلّ أم، وتشتت في الأحزان والأوجاع كلّ عائلة.

في آب الأسود، في قلب الحجرية، في معافر المجد، في جبزية الحلم، أبدعت قلوبهم في التعزير والتعذيب والوحشية، ولم تلِن لبراءته وثقته بهم.

كانوا مأجّجين بالكراهية وشهوة الانتقام وعبقرية التوحّش فلطّخوا سمعة تعز بالعار من أبنائها، تسلّلوا من حقدهم ونهشوه ببرود كأنّ ما يفعلونه عبادة تقرّبهم لله لا للوالي وليس جريمة بشعة الإرهاب نفسه يتعفّف عن ارتكاب هكذا مجزرة بحقّ فرد واحد أعزل.

من فداحة الذل، ومن هول الفجيعة انزوى الجميع ليلتها في البكاء خائفين محاولين أن يلجموا رعشاتهم، بينما رقص الغزاة على الجثث يحتفلون بالنصر على الأخ والصديق والرفيق والمقاوم.

سقط أصيل في تلك الليلة من آب الأسود، وسقطت معه آخر قلاع الجمهورية، بسلاح جمهوري.

 

كراسي الشرعية والرتب العسكرية في تعز صُنعت من لحم ودم وأنين أصيل، ومن دموع والديه وأخوته وأصدقائه وحرقات قلوبهم.

يجلس ولاة الأمر في تعز على خشب الخيانة والمؤامرة والإرهاب.

أين قتلة أصيل؟ هل ذهب دمّه هدرًا؟ هل تغاضت تعز عن الجريمة الشنيعة؟

لن ننسى هذا اليوم المؤلم، لن ننسى أصيل، لن ننسى قاتليه ولن نسامحهم أبدًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى